ومنذ بعث الله
محمدًا صلى الله عليه وسلم وهاجر إلى المدينة، صار الناس على ثلاثة أصناف: مؤمن،
ومنافق، وكافر، فأما الكافر - وهو المظهر للكفر - فأمره بيِّن، وإنما الغرض هنا
متعلق بصفات المنافقين المذكورة في الكتاب والسُنَّة. فإنها هي التي تُخاف على أهل
القبلة.
****
أي: أنه لـمّا بعث الله نبيَّه محمدًا صلى الله
عليه وسلم بالرسالة، ودعا الناس إلى الإسلام، انقسم الناس في مكة إلى قسمين: مؤمن
وكافر، ثم لـمّا هاجر إلى المدينة، وقويت شوكة الإسلام، ظهر صنفٌ ثالث وهم:
المنافقون الذين أخفوا كفرهم وأظهروا إسلامهم خوفًا من المسلمين، فصار الناس بعد
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقسام: مؤمنون، وكافرون، ومنافقون، فالنفاق
إنما كان في المدينة، ولم يكن في مكة، والسبب أنَّ المسلمين في مكة كانوا ضعفاء
فلا حاجة بالكفار إلى أن يُخفوا كفرهم، وهذا بعكس ما حصل في المدينة من النفاق،
حيث إنَّ الكفار كانوا هم الأضعف، فأظهر المنافقون الإسلام لأجل أن يعيشوا مع
المسلمين، ويحافظوا على أنفسهم وأموالهم، فاتخذوا الإسلام جُنّة، يستترون به، كما
قال تعالى: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ
أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ﴾ [المنافقون: 3] أي:
قولهم:﴿نَشۡهَدُ إِنَّكَ
لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ﴾ [المنافقون: 1].
والمسلمون إنما يقبلون من الناس الظاهر، ويعاملون الناس على ما يظهرون، أما الباطن، فإنما يعلَمْهُ علاّم الغيوب، قال صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» ([1]).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد