×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

وهذه المشابهـة في هؤلاء بإزاء مـا وصف اللهُ به المؤمنـين من قوله: ﴿وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ ُ [التوبة: 71] فإنَّ طاعة الله ورسوله تنافي مشابهةَ الذين من قبلكم، قال سبحانه: ﴿كَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ كَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنكُمۡ قُوَّةٗ وَأَكۡثَرَ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا فَٱسۡتَمۡتَعُواْ بِخَلَٰقِهِمۡ فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَٰقِكُمۡ كَمَا ٱسۡتَمۡتَعَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُم بِخَلَٰقِهِمۡ وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓاْۚ ا [التوبة: 69].

فالخطاب في قوله: ﴿أَشَدَّ مِنكُمۡ قُوَّةٗ [التوبة: 69] وقوله: ﴿فَٱسۡتَمۡتَعُواْ [التوبة: 69]، إن كان للمنافقين، كان من باب خطاب التلوين والالتفات، وهذا انتقال من الغيبة إلى الحضور، كما في قوله: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٣  مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ٤  إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥ [الفاتحة: 3- 5].

ثم حصل الانتقال من الخطاب إلى الغيبة في قوله: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ [التوبة: 69] وكما في قوله: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٖ طَيِّبَةٖ وَفَرِحُواْ بِهَا [يونس: 22]، وقوله: ﴿وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّٰشِدُونَ [الحجرات: 7] فإنَّ الضمير في قوله: ﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ الأظهر أنه عائدٌ إلى المستمتعين الخائضين من هذه الأمَّة، كقوله فيما بعد: ﴿أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ [التوبة: 70] وإن كان الخطابُ لمجموع الأمّة المبعوث إليها، فلا يكون الالتفات إلاّ في الموضع الثاني.

وأما قوله: ﴿فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاَقِهِمْ ففي تفسير عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن في قوله: ﴿فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاَقِهِمْ قال: بدينهم، ويُروى ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، وروي عن ابن عباس: أي


الشرح