لأنَّ إحدى
الطائفتين لا تعترف للأخرى بما معها من الحق ولا تنصفها بل تزيد على ما مع نفسها
من الحق زيادات من الباطل والأخرى كذلك.
وكذلك جعل الله
مصدر الاختلاف البغي في قوله: ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ
أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ ْ﴾ [البقرة: 213] لأنَّ
البغي مجاوزة الحدِّ، وذكر هذا في غير موضع من القرآن ليكون عبرةً لهذه الأمة.
****
أي: أنَّ هذا خُلق
أصحاب هذا الاختلاف، أنهم ينكرون الحق الذي مع الخصم تعصّبًا وجحودًا، وهذا بخلاف
اختلاف التنوّع، فانظر مثلاً لاختلاف التنوع عند أهل السُّنَّة فَهم يعملون بما
عندهم من المذاهب الفقهية الأربعة، ولم يحصل بين أصحاب هذه المذاهب اقتتال، ولم
يحصل بينهم سفك دماء، فإنَّ كلَّ صاحب مذهب يُقرُّ للآخر بما عنده من الصواب،
وتعذره بما وقع من الخطأ، فاختلاف المذاهب السُّنِّـيَـة إنما هو اختلاف تنوّع.
قال تعالى: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ﴾ [البقرة: 213] فالله عز وجل أنزل الكتـاب لأجل هداية الناس ولبيان الحق فيما اختلفوا فيه؛ لأنَّ المختلفين ليسوا كلُّهم مصيبين، وإنما يكون المصيب بعضهم، والكثير على خطأ، ثم من هو الذي على الحق؟ إنه ذاك الذي وافق الكتاب الذي أنزل الله عز وجل فإذا أردنا أن نُنهي النزاعات والخصومات فلا بدَّ من الرجوع إلى الكتاب والسُّنَّة.
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد