قال تعالى: ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ [الشورى: 10]،
وقال تعالى: ﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾ [النساء: 59].
قوله: «﴿وَمَا
ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ
ٱلۡبَيِّنَٰتُ﴾» [البقرة: 213] أي: من بعد ما قامت الحجج عليهم؛ لأنَّهم
ما تركوا الحق عن خفاء في الدليل، بل هو واضح كل الوضوح، وإنما تركوه لاتباع
أهوائهم ورغباتهم، وتُرى ما هو السبب؟ إنه البغي، حيث بغى بعضهم على بعض،
والبغي: هو التعدّي على الآخرين، ولو أنهم رجعوا إلى ما أنزل الله سبحانه
وتعالى لما بغي بعضهم على بعض، ولهذا قال تعالى: ﴿هَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا
ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦ﴾ [البقرة: 213] فالله
جل وعلا وفّق أهل الإيمان بأن بقوا على الكتاب، فلذلك لم يحصل بينهم اختلاف تضادّ.
نعم يحصل بينهم
اختلاف تنوّع واجتهاد، وهذا الاختلاف لا يفرّق كما هو معلوم ومشاهد، فإنَّ
المسلمين ما زال الاختلاف واقع بينهم في المسائل الفقهية والاجتهادية، ومع هذا لم
يقع بينهم شقاق ونزاع وإنما الذي يوقع التنازع إنما هو اختلاف التضادّ، حيث إنَّ
كلًّا من المتخالفين يرى الحق معه ويريد من الناس أن يوافقوه على مذهبه، ويتركوا
الكتاب والسُّنَّة، ويذهبوا معه إلى الباطل، وهذا لا شكَّ أنه بغي وتعدٍّ.
قوله: «وذكر هذا في غير موضع من القرآن ليكون عبرةً لهذه الأمة». يعني: أنَّ الله بيَّن هذا الحق للناس، وذلك بإرسال رسوله صلى الله عليه وسلم وإنزال كتابه، فالحق موجودٌ في كتاب الله وفي سنة رسول الله،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد