ولو أنَّ المختلفين
رجعوا إلى الكتاب والسُّنَّة لانتهى النزاع والخلاف، والخلاف أمر قد فُطر الناسُ
عليه، ولذلك حتى الصحابة رضي الله عنهم كان يحصل بينهم خلاف لكنهم كانوا يرجعون
إلى كتاب الله، فينتهي النزاع، وقد اختلفوا في ولاية الأمر بعد وفاة الرسول صلى
الله عليه وسلم، وسرعان ما رجعوا إلى الحق وردّوا الحكم إلى الله وإلى الرسول،
فبايعوا أبا بكر الصديق؛ لأَنَّه أفضلهم، ولأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه
وسلم في الصلاة في مرضه، فإنَّ رجوعهم للكتاب والسُّنَّة حسم مادة الخلاف بينهم.
وكذلك يقع الخلاف بين
المسلمين في مختلف عصورهم، فإذا رجعوا وردّوا أمرهم إلى الكتاب والسُّنَّة انتهى
الأمر، أما مَن يُرْجِعون الأمر إلى أهوائهم ورغباتهم فإنهم يضلّون ضلالاً بعيدًا؛
لأنَّ الأهواء والرغبات لا تنتهي أبدًا، ولا تنضبط بضابط، وكلُّ واحد له رغبة
تخالف رغبة الآخر، وكلٌّ له هوىً يخالف هوى الآخر، ولهذا جاء في الحديث أنَّ النبي
صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ
تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» ([1])، وهذا يصدّقه قول
الله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِن
لَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ
وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [القصص: 50].
***
([1]) أخرجه: ابن أبي عاصم في السنة رقم (15).
الصفحة 3 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد