ثم قال سبحانه:
﴿فَٱسۡتَمۡتَعُواْ
بِخَلَٰقِهِمۡ فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَٰقِكُمۡ كَمَا ٱسۡتَمۡتَعَ ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِكُم بِخَلَٰقِهِمۡ وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓاْۚا﴾ [التوبة: 69] وفي «الذي» وجهان:
أحسنهما: أنها
صفة المصدر، أي: كالخوض الذي خاضوه، فيكون العائد محذوفًا، كما في قوله: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم
مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا فَهُمۡ لَهَا مَٰلِكُونَ *﴾ [يس: 71] وهو كثير فاشٍ
في اللغة.
والثاني: أنه
صفة الفاعل، أي: كالفريق، أو الصنف، أو الجيل الذي خاضوه، وجمع سبحانه بين
الاستمتاع بالخلاق وبين الخوض؛ لأنَّ فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل
والتكلم به، أو يقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق، والأول: هو البدع ونحوها،
والثاني: هو فسق الأعمال ونحوها. والأول: من جهة الشبهات، والثاني: من جهة
الشهوات.
****
قوله: «﴿وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُو﴾» في قوله: ﴿كَٱلَّذِي
خَاضُو﴾ وجهان: أنه مصدر، أو اسم موصول، أي: خوضًا كالذي
خاضوا، فيكون مصدرًا، أو أنَّ «الذي» بمعنى: «الذين» أي: وخضتم كالذين خاضوا من
قبلكم.
والخوض قسمان: خوض في العقيدة، وخوضٌ في الشهوات، والخوض في العقيدة يُسمَّى الشّبهات، والخوض في الملذّات والمشهِّيات يُسمَّى الشهوات، فالذين من قبلنا خاضوا خوضين: خاضوا في عقيدتهم فصار منهم الكفار والفُسّاق والمبتدعة، وخاضوا أيضًا في أموالهم وشهواتهم، فصاروا فُسَّاقًا فِسقًا عمليًّا؛ لأنَّ الفسق على قسمين: فسقٌ اعتقادي، وفسقٌ عملي.
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد