×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

ثم قال سبحانه: ﴿فَٱسۡتَمۡتَعُواْ بِخَلَٰقِهِمۡ فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَٰقِكُمۡ كَمَا ٱسۡتَمۡتَعَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُم بِخَلَٰقِهِمۡ وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓاْۚا [التوبة: 69] وفي «الذي» وجهان:

أحسنهما: أنها صفة المصدر، أي: كالخوض الذي خاضوه، فيكون العائد محذوفًا، كما في قوله: ﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا فَهُمۡ لَهَا مَٰلِكُونَ * [يس: 71] وهو كثير فاشٍ في اللغة.

والثاني: أنه صفة الفاعل، أي: كالفريق، أو الصنف، أو الجيل الذي خاضوه، وجمع سبحانه بين الاستمتاع بالخلاق وبين الخوض؛ لأنَّ فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به، أو يقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق، والأول: هو البدع ونحوها، والثاني: هو فسق الأعمال ونحوها. والأول: من جهة الشبهات، والثاني: من جهة الشهوات.

****

 قوله: «﴿وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُو» في قوله: ﴿كَٱلَّذِي خَاضُو وجهان: أنه مصدر، أو اسم موصول، أي: خوضًا كالذي خاضوا، فيكون مصدرًا، أو أنَّ «الذي» بمعنى: «الذين» أي: وخضتم كالذين خاضوا من قبلكم.

والخوض قسمان: خوض في العقيدة، وخوضٌ في الشهوات، والخوض في العقيدة يُسمَّى الشّبهات، والخوض في الملذّات والمشهِّيات يُسمَّى الشهوات، فالذين من قبلنا خاضوا خوضين: خاضوا في عقيدتهم فصار منهم الكفار والفُسّاق والمبتدعة، وخاضوا أيضًا في أموالهم وشهواتهم، فصاروا فُسَّاقًا فِسقًا عمليًّا؛ لأنَّ الفسق على قسمين: فسقٌ اعتقادي، وفسقٌ عملي.


الشرح