قال غير واحدٍ
من السلف: معناه: لئلا يحتج اليهود عليكم بالموافقة في القبلة، فيقولون: قد
وافقونا في قبلتنا، فيوشك أن يوافقونا في دِيننا، فقطع الله بمخالفتهم في القِبلة
هذه الحُجّة. الحجة: اسمٌ لكلِّ ما يُحتج به من حقٍّ وباطل، ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡ مْ﴾ [البقرة: 150] هم قريش،
فإنهم يقولون: عادوا إلى قبلتنا، فيوشك أن يعودوا إلى دِيننا. فبيَّن سبحانه أنَّ
من حكمة نسخ القبلة وتغييرهـا: مخالفة الناس الكافرين في قبلتهم، ليكون ذلك أقطع
لما يطمعون فيه من الباطل، ومعلومٌ أنَّ هذا المعنى ثابتٌ في كل مخالفةٍ وموافقة،
فإنَّ الكافر إذا اتُّبع في شيء من أمره، كان له من الحجة مثل ما كان أو قريبٌ مما
كان لليهود من الحُجّة في القبلة.
****
لا شكَّ أنَّ تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة حدثٌ عظيم، قد حصل بسببه اعتراضات وإشكالات كثيرة من المعاندين والمعارضين والجهّال، وضعاف الإيمان، والاعتراض هذا لا يصدر إلاّ من سفيه جاهل، ولا يصدر ممن آمن واتقى؛ لأنَّ الأصل اتباع أمر الله فيما أمر ونهى، سواء أمر بالتوجه إلى بيت المقدس أم الكعبة؛ لأنَّ الجهات كلها لله سبحانه هو خالقها، قال: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة: 115]، وقال سبحانه: ﴿لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ﴾ [البقرة: 177] فمن الإيمان بالله واليوم الآخر: اتّباع ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه دون اعتراض أو انتقاد، فإنَّ هذا ليس شأن المؤمنين،
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد