لو لم يكن لقصد مخالفتهم تأثير في الأمر بالصبغ،
لم يكن لذكرهم فائدة، ولا حَسُن تعقيبه به، وهذا وإن دلَّ على أن مخالفتهم أمر
مقصود للشرع، فذلك لا ينفي أن يكون في نفس الفعل الذي خولفوا فيه مصلحة مقصودة، مع
قطع النظر عن مخالفتهم، فإنَّ هنا شيئين:
أحدهما: أن نفس
المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين، لما في مخالفتهم
من المجانبة والمباينة التي توجب الـمُباعدة عن أعمال أهـل الجحيم، وإنما يظهر بعض
المصلحة في ذلك لمن تنوّر قلبه، حتى رأى ما اتّصف به المغضوب عليهم والضّالّون من
مرض القلب الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان.
والثاني: أن
نفس ما هم عليه من الهدى والخلق قد يكون مضرًّا أو منقِصًا فيُنهى عنه، ويؤمر بضده
لما فيه من المنفعة والكمال، وليس شيء من أمورهم إلا وهو إما مضرّ أو ناقص؛ لأن ما
بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مضرّة، وما بأيديهم مما لم يُنسخ
أصله فهو يقبل الزيادة والنقص، فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصله على وجه الكمال،
ولا يتصوّر أن يكون شيء من أمورهم كاملاً قطّ.
فإذًا المخالفة لهم فيها منفعة وصلاح لنا في كل أمورهم، حتى ما هم عليه من إتقان بعض أمور دنياهم، قـد يكون مضِرًّا بآخرتنا أو بما هو أهم منه من أمر دنيانا، فالمخالفة فيه صلاح لنا.
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد