ثم المأمور به أجناس لا يمكن أن تقع إلاّ
معيّنة، وبالتعيين تقترن بها أمور غير مقصودة الفعل للآمر، لكن لا يمكن للعبد
إيقاع الفعل المأمور به؛ إلاّ مع أمور معيّنة له، فإنه إذا قال: ﴿فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ﴾ [النساء: 92] فلا بد
إذا أعتق العبدُ رقبةً أن يقترن بهذا المطلق تعيين: من سواد، أو بياض، أو طول، أو
قصر، أو عربية، أو عجمية، أو غير ذلك من الصفات، لكن المقصود: هو المطلق المشترك
بين هذه المعيَّنات.
وكذلك إذا قيل:
اتقوا الله وخالفوا اليهود؛ فإن التّقوى تارة تكون بفعلِ واجب: من صلاة، أو صيام،
وتارة تكون بترك محرَّم: من كفر أو زنا، أو نحو ذلك، فخصوص ذلك الفعل إذا دخل في
التّقوى لم يمنع دخول غيره، فإذا رُئي رجلٌ همَّ بزنا، فقيل له: اتق الله؛ كان
أمرًا له بعموم التّقوى، داخـلاً فيـه الأمـر بخصوص ترك ذلك الزنا؛ لأنَّ سبب
اللفظ العامّ لا بد أن يدخل فيه. كذلك إذا قيل: إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون
فخالفوهم، كان أمرًا بعموم المخالفة، داخلاً فيه المخالفة بصبغ اللِّحية؛ لأنه سبب
اللفظ العامّ.
وسببه: أنَّ الفعل فيه عموم وإطلاق لفظيّ ومعنويّ، فيجب الوفاء به، وخروجه على سبب يوجب أن يكون داخلاً فيه لا يمنع أن يكون غيره داخـلاً فيـه - وإن قيل: إنَّ اللفظ العـام يقصر على سببه - لأنَّ العموم هاهنا من جهة المعنى - فلا يَقبل من التخصيص ما يقبله العموم اللفظيّ.
الصفحة 3 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد