فالله جازاهم بأن نسيهم، يعني: تركهم في العذاب،
وليس المراد بالنسيان هنا الذهول؛ لأنه في حق الله لا يجوز النسيان، وليس هذا
المقصود؛ لأنَّ الله لا يأخذه ذهول، وإنما المراد: لما تركوا ذكر الله بالإعراض
عنه، تركهم الله في العذاب وأعرض عنهم؛ لأنَّ الجزاء من جنس العمل، وهذا من باب
المقابلة، وإلاّ فإنَّ الله لا يُوصف بالنسيان، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا﴾ [مريم: 64]؛ لأنه منزَّه عن ذلك، قال سبحانه: ﴿فِي كِتَٰبٖۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى [طه: 52].
ولهذا قال: «وبإزاء ذلك...»
أي: لـمّا كان المنافقون نسوا ذكر الله وقابل ذلك فعل المؤمنين فهم [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ
ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ
وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ
٥٥ وَمَن
يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ
هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ ٥٦ المَائدة: 55 - 56]،
والصلاة: ذكرٌ لله عز وجل قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ﴾ [طه: 14]، وقال
سبحانه وتعالى: ﴿وَأَقِمِ
ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ
وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ ُ﴾ [العنكبوت: 45] فالصلاة
فيها ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: أنها ذكرٌ لله
سبحانه وتعالى.
والفائدة الثانية: أنها تنهى عن
الفحشاء والمنكر.
والفائدة الثالثة: أنها تُعين على تحمل المشاق والمصاعب، قال سبحانه: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ ِ﴾ [البقرة: 45].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد