×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

والناسُ إذ ذاك أحدُ رجلينِ: إمّا كتابيٌّ معتصمٌ بكتاب: مبدَّلٌ منسوخٌ، ودينٍ دارسٍ: بعضُه مجهول، وبعضُه متروك، وإمّا أُميٌّ مِن عربي وعجمي مقبِل على عبادةِ ما استحسنه، وظنَّ أنه ينفعه: من نَجمٍ أو وَثَن، أو قبرٍ أو تمثال، أو غير ذلك.

****

 فرحمهم الله ببعثة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ [الأنبياء: 107].

وعبارات الشيخ هذه إنما استنبطها من الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في «صحيحه» وأوَّله: قال صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ، مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلاَلٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَْرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ...» الحديث ([1]).

فقوله: «إلاّ بقايا من أهل الكتاب» كانوا متمسّكين بما عليه موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام - ودينُ الأنبياء جميعًا التوحيد - لكن هذه البقايا انقرضوا قبل البعثة، أي: ماتوا ولم يبقَ منهم أحد أو بقي قليل منهم.

لقد كان الناس على قسمين في الجاهلية قَبلَ بِعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فهم:

إمّا أن يكونوا أهل كتاب في الأصل، لكنَّهم حرَّفوا وبدَّلوا وغيَّروا في كتابهم، فلم يَعُد صالحًا للعمل به؛ لأنَّه مبدَّل ومغيَّر ومحرَّف. وإما غير محرَّف لكنه منسوخ لا يجوز العمل به.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2865).