كذلك قد نتضرر
بموافقتنا الكافرين في أعمالٍ لولا أنهم يفعلونها لم نتضرر بفعلها. وقد يكون الأمر
بالموافقة والمخالفة؛ لأنَّ ذلك الفعل الذي يُوافق فيه أو يُخالَف متضمنٌ للمصلحة
والمفسدة ولو لم يفعلوه، لكن عُبّر عن ذلك بالموافقة والمخالفة على سبيل الدلالة
والتعريف، فتكون موافقتهم دليلاً على المفسدة، ومخالفتهم دليلاً على المصلحة،
واعتبار الموافقة والمخالفة على هذا التقدير من باب قياس الدلالـة، وعلى الأول من
باب قياس العلة.
****
فنحن إذا تشبّهنا
بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وصَدْرِ هذه الأمة فهذا أمر فيه صلاح،
وهو مقصود، فعلى سبيل المثال: التشبّه بأهل الخير والسلف الصالح فيه مصلحة،
وهي أنَّه يجرُّ إلى فعل الخير، وإلى الصفات الحميدة، وعلى العكس فالتشبُّه
بالمغضوب عليهم والضالّين يجرُّ إلى الشرّ، وإلى التخلّق بأخلاقهم، وفعل أفعالهم
ومبتدعاتهم.
يعني: إذا كان هذا العمل
أصلُه مباحًا، ولكن صار أكثر مَن يتعامل به ويسير عليه هم الأعداء والمخالفون،
فالواجب أن نترك هذا العمل؛ تغليبًا لجانب المضرَّة؛ لأنَّ درء المفاسد مقدَّم على
جلب المصالح.
وقد يكون أصل العمل غير مناسب حتى لو لم يفعلوه، فكيف إذا فعلوه؟! فيكون فيه محذوران: المحذور الأول: أنه غير مناسب ولا يصلح، والمحذور الثاني: أنه من صفاتهم وأفعالهم، وفيه تشبُّه بهم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد