وقد يجتمع
الأمران - أعني الحكمة الناشئة من نفس الفعل الذي وافقناهم فيه أو خالفناهم فيه،
ومن نفس مشاركتهم فيه. وهذا هو الغالب على الموافقة والمخالفة المأمور بهما،
والمنهي عنهما، فلا بد من التفطّن لهذا المعنى، فإنه به يُعرف معنى نَهي الله لنا
عن اتباعهم وموافقتهم، مطلقًا ومقيّدًا.
****
يعني: أنَّ مخالفتهم دليلٌ
على المصلحة؛ لأنَّ في مخالفتهم بعدًا عنهم وعن صفاتهم، وفي موافقتهم دليل على
المفسدة، لما فيه من سَريان عاداتهم وأخلاقهم إلى المسلمين عن طريق المشابهة.
وأما قوله: «من باب قياس
الدلالة» فإنَّ القياس ينقسم إلى قسمين:
الأول: قياس العلة: وهو المعروف عند
الأصوليين: إلحاق فرعٍ بأصلٍ في الحكم لجامع بينهما، وهو من أصول الأدلة عند
الجمهور.
والثاني: قياس
الأَوْلَى، وذلك كما في قوله تعالى: ﴿فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ﴾ [الإسراء: 23]، فلما نهى الله عز وجل
الأولاد عن قول: ﴿أُفّٖ﴾ لآبائهم دلَّ من
باب أوْلى على منع ضربهم.
هذه القاعدة التي
ذكرها الشيخ وهي: أنَّ الفعل قد يكون في أصله مُباحًا، لكن غلب فعلهم له حتى صاروا يُعرفون
به، فإننا نُهينا عن التشبُّه بهم فيه، لئلا تسري إلينا عباداتهم وأخلاقهم
الفاسدة، أو أن يكون هذا الفعل من أصله منهيًّا عنه، وهو مفسدة في حدِّ ذاته، وهم
يفعلونه، فإذا تشبّهنا بهم، جمعنا بين المضرّتين، مضرة فعل ما لا يجوز، ومضرة
التشبُّه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد