وناصر أهل السُّنّة، وقمع أهل البدعة، فكتب إليه
الإمام أحمد من جملة مناصحاته هذا الحديث، وخير ما يُنصح به كتاب الله، وسنّة
رسوله صلى الله عليه وسلم.
والمقصود من كتابة
أحمد للمتوكل بهذا الحديث: أن يمنع من الخوض في كتاب الله ومن قول المعتزلة
والجهمية بأنَّ القرآن مخلوق، فالقرآن واضحٌ في أنه منزّل من عند الله، وأنَّ الله
تكلم به حقيقة، وليس في القرآن آية تدلّ على أنَّ الله خلق القرآن، ولا في الحديث
ما يدلّ على ما يقولون.
قوله: «وجعل يقول لهم
في مناظرته يوم الدار: إنّا قد نُهينا أن نضرب كتاب الله بعضه ببعض» يعني:
في مناظرته للمخالفين في دار الوزير - وزير الدولة - حيث جرت المناظرة في هذه
الدار، فقال لهم الإمام أحمد: إنا نهينا أن نضرب كتاب الله بعضه ببعض، وأشار إلى
هذه الأحاديث التي نهى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن يضرب كتاب الله بعضه
ببعض، بل يُجمع بين نصوصه وبين آياته، ويُفسَّر بعضه ببعض، ولا يؤخذ بالآراء من
غير دليل من الكتاب والسُّنّة.
قوله: «وهذا لعلمه»
أي: الإمام أحمد، لأنه إنما كتب ذلك للمتوكِّل لِـما يعلم ما في الاختلاف من
الفساد العريض، وبما في الاتفاق واجتماع الكلمة من الخير العظيم، ولا يحصل
الاجتماع إلاّ باتّباع الكتاب والسُّنَّة، وأما إذا اختلف الناس وكلٌّ ركب رأسه،
وأخذ برأيه، حصل التفرُّق، وبالتالي يحصل التناحر والتضارب وسفك الدماء بين الأمة،
ومسائل الاعتقاد توقيفيّـة لا دخل للرأي فيها.
***
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد