فاقتضاني بعضُ الأَصحابِ أن أُعلِّق
في ذلك ما يكون فيه إشارةٌ إلى أصلِ.
المسألة، لكثرة
فائدتها وعُموم المنفعة بها، ولِـما قد عمَّ كثيرًا من الناس الابتلاءُ بذلك حتى
صاروا في نوع جاهليةٍ.
*****
قوله: «اقتضاني» يعني: طَلَب مني بعض
الأصحاب، وهكذا الأصلُ في الأمّة، فإنه ينبغي حينما يُشكلُ عليها شيءٌ من أمور
دينها أن ترجع إلى العلماء الربانيّين، وهذا الإمام رحمه الله مِن أفضلِ مَن يُرجع
إليه في هذه المسألة العظيمة؛ كما أنه يُرجع إلى العلماء في كل زمانٍ ومكان، ولهذا
قال تعالى:﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [الأنبياء: 7].
فالواجبُ على العالم
إذا سُئل أن يُجيبَ، وإذا طُلب منه بَيان حكم من الأحكام الشرعية أن يبذلَ الجهدَ
في بيان الحكم، ولا يجوز له أن يكتمَ العلم. فالشيخ أجابهم وألَّف هذا الكتاب
النافع.
وقد سبق وأن قلنا: إنَّ هذا الكتاب لا
يحيط بكل المسائل وفروعها، ولكنَّه وضَعَ فيه قواعدَ وضوابطَ عامة، فيها الخير
الكثير، ومع هذا وصفه بقوله: «إشارة» وصفًا له بالقلّة، وهذا من تواضعه رحمه
الله وإلاّ فإنه كتاب غزير الفائدة.
وقوله: «ولِـمَا قد عَمَّ... في نوع جاهليةٍ» يشير هنا أنَّ الحاملَ له على التصنيف في هذا الأمر ما رآه من عُمومِ البلْوى من انتشار التَّشبه بالكفار، والجهل بتحريم هذا الأمر، حتى عادوا إلى الجاهلية في الغالب، وليس المقصودُ الكُلَّ، فلن تَعودَ الأمة بالكلِّـيّة إلى الجاهلية أبدًا، ولكن يَعودُ إليها فِئامٌ وطوائفُ مِن النّاس، بتشبههم بالأعاجم واليهود والنصارى، وهذا فيه بيان الخطر لا سيّما وهو يؤدي للعودة إلى الجاهلية.
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد