ثُمَّ إنه سبحانه بَعثَه بدين الإسلام
الذي هو الصِّراطُ المستقيمُ، وفَرضَ على الخَلْقِ أن يَسألوه هدايتَهُ كلَّ يومٍ
في صلاتِهم، ووصَفَهُ بأنه صِراطَ الذين أنعَم عليهم من النبيِّين والصدِّيقين
والشهداءِ والصالحين، غير المغضوب عليهم ولا الضالِّين.
****
وأمّـا الخصوصُ: فإنما هو لأهل
العلم من هذه الأمة، حيث أعطاهم اللهُ حظًّا وافرًا من العلم والعمل والإيمان
واليقين، أكثر من غيرهم، فالله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ﴾ [فاطر: 28].
وقوله: «ما لو جُمعت
حكمة سائر الأمم» أي: لو جُمعت الحكمة التي حصل عليها أتباع هذا الرسول صلى
الله عليه وسلم مع حِكمة الأوّلين والآخرين، لَـمَا وازنتها الحكمة التي عند الأمم
الأخرى، فهي أقلّ من الحكمة التي حصل عليها أتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم،
ودليلُ ذلك أنَّ هؤلاء سادوا على العالم بحِكْمتهم وعلمهم، فأصبحوا قادة الدنيا،
أما أولئك - وإن كان الله أعطاهم شيئًا من الحكمة والإيمان - لكن لم نجد أحدًا
منهم ساد العالم كلَّه كسيادة هذه الأمة، لم نقرأ ولم نعرف أنَّ من تلك الأمم
السابقة أمَّة انبسطت على وجه الأرض، وأطاعت لها البشرية، كما حصل لهذه الأمة
المحمّدية، مما يدلّ على تميّز هذه الأمة على غيرها من الأمم.
إنَّ الله سبحانه وتعالى بَعثَ محمدًا صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام، والإسلام هو دينُ جَميع الرّسل، فرسالةُ جميع الأنبياء إنما هي رسالة التوحيد، وتختلف شرائعهم في الأحكام والنظم، ولكن عقيدتهم جميعًا هي التوحيد، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾ [آل عمران: 19]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ﴾ [آل عمران: 85].
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد