×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

 أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» ([1]). فالفطرة تفسد، والطبيعة تنحرف، والنفس تنازع الإنسان وتأمره بالسوء، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلنَّفۡسَ لَأَمَّارَةُۢ بِٱلسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي [يوسف: 53]. فلو تُرك الإنسان وشهوته، أو تُرك وطبيعته المنحرفة لمالَ إلى ما يغضب ربه، لأجل ذلك أمر الله عباده بدعائه بالهداية والاستقامة.

قال سبحانه وتعالى: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ [الفاتحة: 6] وهذا في كل ركعة من صلاتنا، ندعو الله بهذا الدعاء ﴿ٱهۡدِنَا أي: دُلَّنا وأرشدنا وثبتنـا على: ﴿ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ، وهو الطَّريق المعتـدِل، المخالـف لطريق المغضوب عليهم، والمخالف لطريق الضالين، نسأل الله أن يؤمِّننا من هذا الخطر؛ لأنَّ خطر التّشبه باليهود والنصارى مستفحل - في كل زمان ومكان - لا سيّما وأنّهم يدّعون أنهم أهل علم وخبرة وأسبقيّة،

والغِرّ من المسلمين ينخدع بهم، لا سيّما وهم اليوم يصفون أنفسهم بأنهم الدول الرائدة في حمل الديمقراطية والإصلاح والحرية، في حـين أنهم يُسَخِّرون العالم لمصالحهم بكلِّ طريقة، ولو كانت سببًا في الإفساد والإهلاك، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ ١ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ ١٢ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ١ [البقرة: 11 - 13].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1359)، ومسلم رقم (2658).