وقوله: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ﴾ أي: أنه ليس كلّ
أهل الكتاب على هذا المستوى في العداء والحسد، فإنَّ فيهم أخيـارًا ومؤمنـين،
آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأقرّوا بالحق، فمنهم من مات على إيمانه قبل
البعثة، ومنهم من أدرك البعثة فآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، فجمع بين الهدايتين،
ولذلك يؤتيه الله أجره مرتين، وهؤلاء قلَّة من أهل الكتاب، قال تعالى فيهم: ﴿وَإِنَّ
مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ
وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بَِٔايَٰتِ
ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ
سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ﴾ [آل عمران: 199] وقال
تعالى: ﴿لَيۡسُواْ سَوَآءٗۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ أُمَّةٞ
قَآئِمَةٞ يَتۡلُونَ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ وَهُمۡ يَسۡجُدُونَ ١١ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ
وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ
مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ
١١٤ وَمَا يَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلَن يُكۡفَرُوهُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ
بِٱلۡمُتَّقِينَ
١١٥﴾ [آل عمران: 113 -
115] وفي ذلك بيان للعلماء من هذه الأمة أن لا يعمِّمُوا الأحكام على الناس
ويسحبوها على الجميع، بل إنَّ من القوم من يعرف لأهل الفضل فضلهم ولا ينكرونه،
وهذا من الإنصاف والعدل، قال الله تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى
أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾
[المائدة: 8].
***
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد