ذلك رسول الله صلى الله عليه
وسلم غضب أشدّ الغضب، وقال: «أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي
وَأَنَام، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ
مِنِّي» ([1]).
وهؤلاء أفسدوا من حيث أرادوا
أن يصلحوا، فإنما جاء صلى الله عليه وسلم بالشريعة السمحاء المعتدلة فلا إفراط ولا
تفريط، جاءت وسطًا بين الغلوّ والجفاء، فأبت طوائف إلاّ الغلوّ والتشدُّد، وقد
أرشد الله نبيه للاستقامة فقال: ﴿فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ
مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ﴾ [هود: 112] أمره بالاستقامة، ومن معه من أصحابه ومن
أمته من بعده، ونهاه عن الطغيان والتشدّد والغلوّ عن الحدّ المشروع، فوقع الغلوّ
في هذه الأُمة، حتى اشتد الأمر وظهرت فرق كثيرة من الغلاة، منها فرقة وحدة الوجود،
الذين غَلَوْا في التوحيد، فقالوا: إنَّ الكون ليس فيه انقسام، كلُّه هو الله، فمن
قال: إنَّ هناك خالقًا ومخلوقًا فهو مشرك، والموحِّد في نظرهم من يجعل الكون كله
لله، تعالى الله عما يقولون، وهذا كلام الذين قالوا بوحدة الوجود تعالى الله عن
ذلك علوًا كبيرًا.
ومنهم من قال: إنَّ
الله حالّ في أوليائه ويسمَّوْن بالحلوليّة.
ومنهم من قال: إنه
وصل إلى الله فليس بحاجة إلى اتباع الرسول، والرسول إنما هو للعوام دون الخواص
وخواص الخواص.
****
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5063)، ومسلم رقم (1401).
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد