ثم قال: ﴿وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ﴾ [التوبة: 67] قال مجاهد: يقبضونها عن الإنفاق في سبيل الله، وقال قتادة:
يقبضونها عن كل خير. فمجاهد أشار إلى النفع بالمال، وقتادة أشار إلى النفع بالمال
والبدن. وقبض اليد: عبارة عن الإمساك، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا
كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ﴾ [الإسراء: 29] وفي قوله: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ
وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْۘ بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيۡفَ
يَشَآءُۚ﴾ [المائدة: 64]. وهي حقيقة عرفية، ظاهرة من اللفظ،
أو هي مجاز مشهور.
****
معنى قوله تعالى: ﴿وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُم﴾: أي أنَّهم يبخلون
بالصدقة والإنفاق في سبيل الله؛ لأنَّ الإنفاق يشار إليه ببسط اليد، والبخل يشار
إليه بقبض اليد، فهذه صفة اليهود، وهي صفة المنافقين؛ فإنهم يقبضون أيديهم عن
الصدقات، وقيل: بما هو أعمُّ من ذلك أنهم يقبضون أيديهم عن كل خير.
وقد صوَّر الله صورة البخيل فقال: ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ﴾ فالمقصود هنا: النهي عن البُخل، فالبخيل قد قُبضت يده عن الإنفاق، والمنفق قد بُسطت يده في الخير، قال تعالى: ﴿وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ﴾ أي: لا تبسطها بالإنفاق كل البسط حتى تبلغ حد الإسراف، بل المقصود: الوسط وهو ما بين القبض والبسط، بأن يتوسط الإنسان ويعتدل في الإنفاق، فلا يبخل ولا يُسرف، وهذا من صفات عباد الرحمن، أنهم ﴿إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا﴾ [الفرقان: 67].
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد