لا سيّما إذا رأى نصر الله للمؤمنين، وما هم فيه
من الخير، فإنَّ ذلك يغمُّه ويسوؤه، فهو دائمًا في همٍّ وقلق وعذاب نفسي في
الدنيا، وأما في الآخرة، فما ينتظره من العذاب الجسمي أعظم.
قوله: «فإنَّ للكفر والمعاصي من الآلام العاجلة الدائمة ما الله به عليم». وهذا شيءٌ مشاهَد ومجرَّب، فتجد الكافر من أشد الناس ضيق صدر في الدنيا، بالرغم من توفر الحياة الرغدة وأسباب الرفاهية، وإنما هذا لأنه لا يؤمن بالله، فتجد أنَّ عنده فراغًا روحيًّا؛ لأنَّ النفس لها غذاء وغذاؤها صلتها بالله، والمنافقون في حنق على المسلمين لا يحبون أن يصيبهم خير، قال تعالى: ﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ﴾ [البقرة: 105] فرغم أنهم في بحبوحة من العيش، لكنهم في شقاء نفسي؛ لأنَّ العبرة بنعيم القلب لا بنعيم البدن والمظاهر، فالمسلم - حتى وإن عاش فقيرًا لا يملك إلاّ قوته - في سعادة غامرة بعلاقته مع ربه، لذلك تجده لا ينظر إلى الدنيا نظر رغبة فيها ولا يحسد غيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَات مُعَافًى فِي بَدَنِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا سِيقَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها» «[1]) لهذا يقول بعض الصالحين: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف.
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (4141)، والبخاري في الأدب المفرد رقم (300)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني رقم (2126).
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد