×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

به مستمر من يوم أنزله الله إلى أن تقوم الساعة، فإذا تمسك الناس بالقرآن والسُّنَّة وعملوا بهما، فإنَّ ذلك يكون مانعًا لهم من التفرق، وإنما التفرّق يحصل باتّباع الأهواء والتعصّب للآراء، واتّباع الشهوات والرغبات، فإذا اعتمد الناس على الكتاب والسُّنَّة حصل الاجتماع، قال تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ [آل عمران: 103]، وقال جل وعلا: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ [آل عمران: 105]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ [الأنعام: 159]. فالله برّأ رسوله صلى الله عليه وسلم من المتفرِّقين في دِينهم؛ لأنّ الدِّين ليس محلًّا للتفرّق، وإنما هو دينٌ واحد، قال سبحانه وتعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ ِ [الشورى: 13]، والمسلمون أمّةٌ واحدة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 92].

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ»  ([1])، وقال أيضًا: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَل الْجَسَدِ»  ([2]). فالمسلمون جسدٌ ونسيج واحد، إن أصيب جزء من هذا النسيج تأثّر الكل، وإذا تفرقت الأمة حصلت العداوة، وسُفكت الدماء، ودبّ الضعف في الأمّة، بخلاف الاجتماع، فإنَّ فيه القوة والعزّة، فكما أننا منهيّون أن


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6026)، ومسلم رقم (2585).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6011)، ومسلم رقم (2586).