فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ، فَقَالُوا: مَا
يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلاَّ خَالَفَنَا
فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالاَ يَا
رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، فَلاَ نُجَامِعُهُنَّ؟
فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّه قَدْ
وَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا،
فَعَرَفَا أَنْ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا ([1]). رواه
مسلم.
فهذا الحديث
يدلُّ على كثرة مـا شرعه الله لنبيه من مخالفـة اليهود، بل يدل على أنه خالفهم في
عامّة أمورهم، حتى قالوا: ما يريد أن يدع من أمرنا شيئًا إلاّ خالفنا فيه.
ثم إنَّ
المخالفة - كما سنبيّنها - تارة تكون في أصل الحكم، وتارة في وصفه.
ومجانبة
الحائض: لم يخالفوا في أصلها، بل خالفوا في وصفهـا، حيث شرع الله مقاربة الحائض في
غير محل الأذى، فلمِّا أراد بعض الصحـابة أن يتعدّى في المخالفة إلى ترك ما شرعه
الله تغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الباب - باب الطهارة - كان على اليهود فيه أغلال عظيمة، فابتدع النَّصارى ترك ذلك كله بلا شَرع من الله، حتى إنهم لا ينجّسون شيئًا، فهدى الأمة الوسط بما شرعه لها إلى الوسط من ذلك، وإن كان ما كان عليه اليهود كان أيضًا مشروعًا، فاجتناب ما لم يشرع الله اجتنابه؛ مقاربة لليهود، وملابسة ما شرع الله اجتنابه؛ مقاربة للنصارى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد