ومنه قوله
تعالى: ﴿إِذۡ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي
قُلُوبِهِمُ ٱلۡحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ
سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الفتح: 26]، فإنَّ
إضافة «الحميّة» إلى «الجاهليّة» يقتضي ذمّها. فما كان من أخلاقهم وأفعالهم فهو
كذلك.
ومن هذا: ما رواه
البخاري في «صحيحه» عن عبد الله بن أبي يزيد أنه سمع ابن عباس قال: «ثَلاَثَ
خِلاَلٍ مِنْ خِلاَلِ الجَاهِلِيَّةِ: الطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ وَالنِّيَاحَةُ»
وَنَسِيت الثَّالِثَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا الاِسْتِسْقَاءُ
بِالأَنْوَاءِ ([1])
وروى مسلم في «صحيحه»
عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي
النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ» ([2]).
فقوله: «هُمَا
بِهِمْ» أي: هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس. فنفس الخصلتين كفر، حيث كانتا من
أعمال الكفر، وهما قائمتان بالناس.
لكن ليس كل من قـام به شعبـة من شعب الكفر، يصير بهـا كافرًا الكفر المطلق، حتى تقوم به حقيقة الكفر، كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمنًا، حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته، وفرق بين «الكفر» المعرّف باللام، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ أَوِ الشِّرْكِ إِلاَّ تَرْكُ الصَّلاَةِ» «[3]) وبين «كفر» منكر في الإثبات.
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد