×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

فلا يجوز السفر لأجل النظر والنزهة في آثار ثمود؛ لأنَّ هذا فيه تعظيمٌ لتلك الآثار، لكن إذا مرّ الإنسان بها في طريقه ولم يقصدها، فلا بأس أن ينظر فيها للاعتبار، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ القَوم المُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثل مَا أَصَابَهُمْ» ([1])، أما أن ينظر فيها من أجل أنها آثار حضارة، والتفاخر بها فهذا أمرٌ لا يجوز، ولا يجوز أن تُطوّر ويُعتنى بها، وأن تُجعل مزارًا للسياح؛ لأنَّ هذا من تعظيم أمور الجاهلية ونحن منهيون عن ذلك.

وأما الرواية الأخرى -رواية البخاري من حديث عبد الله بن دينار - ففيها أنه أمرهم أن يطرحوا العجين، وفي الأُولى أمرهم أن يعلفوا الإبل، ولا تعارض بين الروايتين، فلربما طرحوا بعضه وعلفوا الآخر، والشاهد: أنهم لم يستعملوه من عند أنفسهم.

قوله: «لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ...» وهذا من أوضح الأدلة على أنهم مقبورون في هذه البيوت والمساكن، وأنّهم يُعذّبون فيها، فدلّ هذا الحديث على أنه لا يجوز الذهاب إليها من أجل الإعجاب والافتخار بها، وإنما يدخلها من مرَّ بها من أجل الاعتبار والاتّعاظ؛ لأنه إذا دخلها معجبًا بها وفرحًا بما كان عليه أهلها من الحضارة والتقدم كما يقولون، فربما أنه يصيبه ما أصابهم، إمّا في جسمه، وإما في قلبه - والعياذُ بالله - فالإعجاب بالكفار وما هم عليه من حضارة فيه خطر عظيم على المسلم أن يُصاب في دينه وقلبه بالزيغ والضلال. ولا يجوز أن تُتخذ موردًا ماليًّا مما يُجبى من الزّوار من رسوم؛ لأنَّ هذا مورد حرام.

***


الشرح

([1])      أخرجه: البخاري رقم (433)، ومسلم رقم (2980).