هذا القرآن الذي
حمَّلكم الله إيِّاه، وشرّفكم وشرَّف لغتكم به، سوف تُسألون عن هذا التشريف
والتكريم.
قوله: «وَاخْشَوْشَنُوا»
هذا فيه النَّهي عن التَّرف، والتَّرفُ: هو الإغراق في التلذّذ بالنِّعم، والفاخِر
من اللِّباس، والفاره من البيوت والمراكب وغير ذلك، والمبالغة في ذلك، فالأصل في
المسلم أن لا تكون الدنيا أكبر همِّه ولا مبلغ علمه، وقد ذمَّ الله المترفين في
كتابه وبيّن أنهم في الغالب هم أعداء الرُّسل فقال: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم
بِهِۦ كَٰفِرُونَ﴾ [سبأ: 34]، وقال: ﴿إِنَّهُمۡ
كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ مُتۡرَفِينَ﴾ [الواقعة: 45]،
وقال يصف أهل النَّار: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ مُتۡرَفِينَ ٤ وَكَانُواْ
يُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِيمِ ٤٦ وَكَانُواْ يَقُولُونَ أَئِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗا وَعِظَٰمًا
أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ ٤ أَوَ ءَابَآؤُنَا ٱلۡأَوَّلُونَ ٤﴾ [الواقعة: 45- 48]،
فذكر من خِصالهم: التَّرف، ولا شكَّ أنَّ العبادة، والجهاد، والعمل الصَّالح،
وقيام الليل، وصيام النَّهار يتنافى مع الإغراق في التَّرف، فالذي يعيش عيشة
التَّرف والبذخ يكسل عن العبادة.
فالواجب على المسلم أن
يكفَّ عن الإغراق في حياة التَّرف واللَّهو ويلتزم حياة الاعتدال، ولهذا قال جل
وعلا: ﴿وَكُلُواْ
وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]، وقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ
يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا﴾ [الفرقان: 67].
قوله: «وَانْتَعِلُوا، وَامْشُوا حُفَاةً» المقصود: أن يعوِّد المسلم نفسه على شيء من الخشونة، حتى لا يألف الراحة والنَّعيم فيركن إلى الكسل،
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد