فنحن نصوم بإحدى علامتين: إما الرؤية، وإما
إتمام الشهر ثلاثين يومًا، فالشهر قد يكون تسعة وعشرين إذا رؤي الهلال، وإذا لم
يُرَ الهلال، فإنه يكون ثلاثين يومًا إكمالاً للحساب، وكلام النبي هذا فيه ردٌّ
على الذين يَدْعُون إلى العمل بالحساب الفلكي، ويقولون: هذا من أجل اتحاد
المسلمين، والحقيقة أنَّ الله لم يكلفنا أن يصوم مَن بجميع أقطار الأرض في يوم
واحد وأن نفطر في يوم واحد، بل قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» فكلٌّ
يصوم بحسب رؤيته، ويفطر بحسبها، ولا يكلـف الله نفسـًا إلاّ وسعها، والمطالع
تختلف.
والذي يمعن النظر
يجد أنَّ العبادات كلها مبنية على الرؤية، فالصلوات الخمس مبنية على الرؤية، فوقت
صلاة الصبح يعرف بالفجر، وصلاة الظهر بزوال الشمس، وفي العصر مصير الظل مثل
الشاخص، وغروب الشمس لصلاة المغرب، وبغروب الشفق الأحمر في العشاء، فنحن نبني على
الرؤية في عباداتنا، ولا نبني على الحساب.
فالحاصل: أنَّ الرسول صلى
الله عليه وسلم لم يلتفت إلى الحساب، مع أنه كان موجودًا في عهده، وقد أتقنه
العرب، ومع هذا عَدَلَ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، لماذا؟ لأنه من عمل أهل الكتاب،
ولأنَّ الحساب عمل بشري يخطئ ويصيب، والرؤية متيقّنة، ولأنَّ الفلكيين يختلفون
فيما بينهم.
***
الصفحة 2 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد