والناس
في جاهلية جَهلاء من مقالاتٍ يظنّونها عِلمًا وهي جَهل، وأعمالٍ يَحسِبُونها
صَلاحًا وهي فسادٌ، وغايةُ البارع منهم عِلمًا وعَملاً، أن يحصِّل قليلاً من العلم
الموروثِ عن الأنبياء المتقدِّمين، وقد اشتَبه عليهم حقُّه بباطلِه.
****
وأما الوثن: فيعمُّ الصّنَم والقَبر والشَّجَر
والحَجَر، فكل ما عُبدَ مِن دونِ الله فهو وثنٌ، كما قال صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ
لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([1]).
ومنهم من كان يعبد
الجنّ أو الملائكة، وبعضهم كان يَعبُد الأولياء والصالحين، فكانوا متفرّقين في
عباداتهم؛ لأنَّهم ليسوا على دينٍ حقّ يجمعهم في عبادة واحدة، وإنما كانوا
يتَّبعون أهواءهم في عباداتهم، حتى إنَّ منهم من كان يصنعُ الصَّنمَ من التّمرِ ويَعبُدَه،
ثم إذا جاع أكله!
هذا شأنُ كلِّ من لا
يستندُ في قوله وعمله إلى وحي الله عز وجل الذي بعث به إلى رسله عليهم الصلاة
والسلام، لا يستطيع أن يميّز بين العلم والجهل والصلاح والفساد.
إنَّ غاية البارع الحاذقِ منهم أن يكونَ عنده شيءٌ من العِلم الموروث عن الأنبياء السابقين، ومع هذا فإنَّه يخلطهُ بكثيرٍ من الخرافات، والضلالات المليئة بالشُّبهات حتى يضيِّع نفسه، ويُضيِّع الآخَرينَ معه، فهذا هو حالُ قسم من الذين عاشوا قبل الإسلام، قبلَ بِعْثة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الذي أنار به الله الظُّلمات، وأخرج به العباد من هذه المتاهات التي سادت في تلك الفترة المظلمة من عُمر البشرية، والتي وصفها الشيخ بالجاهلية الجهلاء
([1]) أخرجه: مالك رقم (85).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد