أو يشتغل بعملٍ، القليلُ منه
مشروعٌ، وأكثره مبتدع. أو أن يكدحَ بنظره كَدْح المتفلسِفة، فتَذُوب مُهجَتُه في
الأمور الطَّبيعية والرّياضية وإصلاحِ الأخلاقِ، حتّى يصلَ - إذا وصَلَ - بعدِ
الجهد الذي لا يُوصف إلى نَزْرٍ قليلٍ مضطَرب لا يَروي غليلاً ولا يَشْفي عليلاً،
ولا يُغني من العلم الإلهيِّ شيئًا، باطله أضعاف حقِّه -إن حَصَل - وأنَّى له ذلك
مع كثرة الاختلافِ بين أهلِه والاضطراب، وتَعذُّرِ الأدِلَّة عليه والأسباب.
****
ومن أهل الجاهليةِ من كان يشتغل بعملٍ قليله
مشروعٌ، وأكثره مبتَدَع لم يشرعه الله، ومثال ذلك: الحج، فإنَّ العرب كانوا
يحجّون إلى البيت، والحجُّ من بقايا دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولكن لم تكن
شعائر الحج عندهم تخلو من مظاهر الشِّرك وما يصاحبها من البِدَع الكثيرةِ،
ويقولون: لبيك لا شريك لك، إلاّ شريكًا هو لك، تملكه وما ملك، فكانوا يُدْخِلونَ
الشّرِك في التلبية، فهُم يمزجون الحق بالباطل، الحقَّ القليل بالباطل الكثير.
هذا قسمٌ آخَرَ من أحوال الناس قبل البِعْثَة:
فالقسم الأول: هم أهل الكتاب على
ما هم فيه من ضلالٍ وتحريفٍ وتبديل.
والقسم الثاني: المجوس الذين
كانوا يَعبُدونَ النار، ويُقال: إنّه كان لهم كتاب ثم رُفع، فإنَّ لهم شُبْهة
كتاب.
والقسم الثالث: العرب الذين كانوا يَعبُدون من دون الله آلهةً متعدّدة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد