ثانيًا: فيه إنزال الناس
منازلهم، فإنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم استقبل عَدِيًّا بالحَفاوةِ والإكرامِ،
لا سيّما وهو سيدٌ مطاعٌ في قومه، مـمّا كان له الأثرُ الطيبُ في نفسه.
ثالثًا: فيه الحكمة في
الدعوة إلى الله عز وجل فإنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم سأله أسئلة قاطعة لا يجد
فيها بُدًّا من الإجابة بالحق ودون حَيْدَة، فلقد سأله: «فهل تَعلمُ إلهًا سوى
الله؟» قال: لا، قال: «وتَعلمُ شيئًا أكبرُ مِن الله؟» قال: لا، ثم لم
يَمْلك عَدِيٌّ رضي الله عنه إلاّ أن يُعلِن إسلامه؛ لأنه قد انقطعت حجّته،
وتبيَّن له الحق، وهكذا الأصل في الدّعوة إلى الله عز وجل أن تكون بالتي هي أحسن،
قال تعالى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ
وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: 125]، وقال
تعالى: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ﴾ [العنكبوت: 46]، وقال صلى الله عليه وسلم: لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: «إِنَّكَ
تَأْتِي قَوْمًا أَهْل كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ
شَهَادَةِ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» ([1])، فقد أخبره النبي
صلى الله عليه وسلم أنه سَيَقدُمُ على قوم عُلماء يحتاجون إلى مقارعة الحجة
بالحجة، وجدالٍ بالتي هي أحسن، واستعمال الحكمة في الدعوة.
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1458)، ومسلم رقم (19).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد