وقد دلَّ كتابُ الله على معنى هذا
الحديث، قال الله سبحانه: ﴿قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ
عَلَيۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّٰغُوتَۚ﴾ [المائدة: 60]، والضمير عائدٌ إلى اليهود، والخِطابُ
معهم كما دلَّ عليه سياقُ الكلامِ.
****
لقد كان اليهود يسخرون من الصلاة، ولقد قال الله
سبحانه وتعالى في وَصْفِهم: ﴿وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ ٥٨ قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ
هَلۡ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلَّآ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ
إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَٰسِقُونَ ٥٩﴾ [المائدة: 58 - 59]، هذا الخطاب موجّه لليهود، وكان
لسان حال الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه أنهم قالوا لهم: نحن نؤمن بما
عندنا وما عندكم، وكلُّه من عند الله عز وجل فلماذا تسخرون منّا؟ هل لأنَّنا آمنّا
بالله؟ وهل الإيمان بالله سببٌ لأن يُسخر من صاحبه؟ فنحن نؤمن بما أُنزل إلينا من
القرآن، وما أُنزل إليكم من التوراة والإنجيل والكتب، وما أُنزل من قبل، فالذي
ينبغي أن يُلام ويُعاتب أنتم لأنكم أهل فسق، ذلك أنكم لم تؤمنوا بما أنزل إليكم،
وما أنزل على الرسل، فأنتم الفسقة الخارجون. والفسق معناه: الخروج عن طاعة الله عز
وجل.
ثم إنَّ الله جل وعلا ردّ عليهم ردًّا مُفحمًا، وبيّن واقعهم وما هم عليه مما لا ينكرونه فقال: ﴿قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرّٖ مِّن ذَٰلِكَ﴾ [المائدة: 60] الذي زعمتم أنَّه فينا وهو ليس فينا ﴿مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ﴾ [المائدة: 60] والذين لعنهم الله هم اليهود؛ لأنهم هم الذين حرَّفوا وبدَّلوا وغيَّروا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد