×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

فعُلم بخبره الصِّدق أنْ لا بدَّ أن يكون في أمته قوم متمَسِّكين بهديه، الذي هو دِين الإسلام مَحضًا، وقومٌ منحرفون إلى شُعبةٍ من شُعَب دِين اليهود، أو إلى شعبةٍ من شُعَبِ النَّصارى.

****

وفي هذه الأحاديث أمران:

الأمر الأول: التحذير مِن التَّشبه باليهود والنصارى والأعاجم.

والأمر الثاني: أنَّ في هذه الأمة بقية لا تَسْلُك هذا المسلك، جعلنا الله من هذه الطائفة الثابتة على الحق.

والمقصود: أنَّ هذه الأمة وإنْ كان فيها من يقلد الأمم ويتَّبعها في طريقتها، إلاّ أنه - ولله الحمد - جاءت البشرى أنه لا تزال طائفة ثابتة على الحق حتى تقوم الساعة، وأنَّ هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة. وقوله: «لاَ يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ...» ([1]) أي: أنَّ الله يصنع في هذه الأمة على عينه ناشئة من المؤمنين يستعملهم في طاعته ولخدمة هذا الدين.

 هذا مقتضى خبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، أنه مع كثرة الشر، فإنَّ الخير موجود في هذه الأمة، وأنَّ هذه الأمة لا تضل كلها، وإنما يضل بعضها، ويبقى البعض على الحق، وهذه بشارة منه صلى الله عليه وسلم، وأنَّ الله سبحانه يغرس لهذا الدين غرسًا يستعملهم في طاعته من ناشئة المسلمين الذين ينشئون على الخير، ويسلكون طريق الحق من غير غلوّ، ومن غير جفاء، يأخذون من منهج السلف الصالح بحكمةٍ ورويّة واعتدال، لا إفراط ولا تفريط.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (8).