×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

قال الله تعالى في صفة المغضوب عليهم: ﴿مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ ِ [النساء: 46] ووصفهم بأنَّهم ﴿يَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ ِ [آل عمران: 78] والتحريف قد فُسِّر بتحريف التنزيل، وبتحريف التأويل.

فأمّا تحريف التأويل فكثير جدًّا، وقد ابتُلِيَت به طوائف من هذه الأمة.

****

من صفات المغضوب عليهم وهم اليهود ومَن اتَّصف بصفتهم وسار على نهجهم: تحريف الكلم عن مواضعه، أي: يتأوَّلونه على غير تأويله، يفسرونه بغير مراده، والتحريف على قسمين:

تحريف اللَّفظ: بأن يُزاد فيه أو يُنقص منه، كقولهم لـمّا قال لهم الله جل وعلا: ﴿وَقُولُواْ حِطَّةٞ [البقرة: 58] قالوا: حنطة، ومعنى ﴿حِطَّةٌٞ أي: اغفر لنا ذنوبنا، وحُطَّ عنا خطايانا، والله أمرهم بالاستغفار، فهم غيَّروا وحرَّفوا كلام الله وحملوه على غير مراده، وقالوا: حبةٌ في حنطة، يريدون الأكل بدل الاستغفار، فزادوا النون في كلام الله عز وجل وهذا هو تحريف اللفظ.

وأما تحريف المعنى: فهو أن يبقوا اللفظ على ما هو عليه، لكن يفسّرونه بغير تفسيره، وقد قلّدتهم الجهميّـة في تحريفها لآيات الأسماء والصفات، فهم يؤوِّلونها ويفسِّرونها بغير معناها الصحيح، فلهم شبه باليهود.

هذا التحريف قد وقع فيه بعض هذه الأمة، فشابه بذلك اليهود والمغضوب عليهم. فقد وقع عند بعض طوائف هذه الأمة مَن يحرفون اللفظ، كالأشاعرة، فإنهم يقولون في قوله تعالى: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ


الشرح