وأما تحريف
التنزيل فقد وقع فيه كثير من الناس، يحرِّفـون ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم،
ويروون أحاديث بروايات منكرة، وإن كان الجهابذة يدفعون ذلك، وربما تطاول بعضهم إلى
تحريف التنزيل - وإن لم يمكنه ذلك - كما قرأ بعضهم: ﴿وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا﴾ [النساء: 164].
****
ٱسۡتَوَىٰ﴾ [طه: 5] أنَّ معنى ﴿اٱسۡتَوَىٰ﴾ عندهم: استولى، فزادوا اللام من عندهم، فهذه زيادة تشبه زيادة النون عند
اليهود في قولهم: حنطة بدل حِطّة، وأمّا تحريف المعنى فهو كتغييرهم الوجه بالذات،
واليد بالقدرة، والرحمة بالنعمة، والغضب بإرادة الانتقام، وتفسيرهم قوله تعالى: ﴿وَجَآءَ
رَبُّكَ﴾ [الفجر: 22]: جاء أمره،
ويفسرون كلام الله بأنه المعنى دون اللفظ فإنه كلام جبريل، أو كلام محمد صلى الله
عليه وسلم، حكاية، أو عبارة عن كلام الله.
لما ذكر عن اليهود أنهم يحرِّفون الكلم من بعد مواضعه، بيَّن أنَّ هذا قد يقع من بعض هذه الأُمة أنهم يحرِّفون كما حرَّفت اليهود، والتحريف إما أن يكون تحريفًا للفظ، كما ذكرنا في كلمة ﴿ااٱسۡتَوَىٰ﴾ حيث قالوا: إنها بمعنى استولى، أو يحرِّفون المعنى كما في كثيرٍ من آيات الصفات، فيقولون في قوله صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ رَبُّنَا» ([1]): أي: ينزل أمره، أو ملكٌ من الملائكة، ويقولون في قوله تعالى: ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ﴾ أي: جاء أمر ربَّك، إلى غير ذلك من تفسيراتهم الباطلة، فهم يحرِّفون المعنى؛ لأنهم لا يقدرون على تحريف اللفظ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1145)، ومسلم رقم (758).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد