ثم إنَّ اليهود والنصارى
ساروا على هذا المنهج الشركي، في اتخاذ القبور مصلّيات لأجل التبّرك، ثم إنهم
زادوا على ذلك باتخاذ صور الصالحين والأنبيـاء على قبـورهم وأضرحتهم، وقـد ذكرت أم
المؤمنين أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم أنها رأت كنيسة بأرض الحبشة وما فيها
من الصور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أُولَئِكَ إِذَا مَات فِيهِمُ
الرَّجُلُ الصَّالِحُ أَوِ الْعَبْدُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ
مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ
عِنْدَ اللهِ» ([1]).
وقد حذَّر النبي صلى الله
عليه وسلم أمته وهو في سكرات الموت فقال: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا
صَنَعُوا ([2])، «أَلاَ فَلاَ
تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ! فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» قالت
عائشة رضي الله عنها: «وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ» ([3])، يعني: لدُفن في
البقيع مع أصحابه، غير أنه خُشي أن يُتخذ مسجدًا، فدُفن في بيته صلى الله عليه
وسلم خوفًا من الغلوّ فيه، كغلوّ النصارى في أنبيائهم.
وإنما ذكر حال اليهود والنصارى في ذلك، لكي تحذر الأمة من التّشبه بفعل اليهود والنصارى، وقد وُجِد في الأُمة من يبنون المساجد على القبور، حتى صار المسجد الذي ليس فيه قبر لا قيمة له عندهم فـلا يتوجهون إليه، ويفضلون غيره من المساجـد التي فيهـا أضرحة
([1]) أخرجه: البخاري رقم (427)، ومسلم رقم (528).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد