أخبر سبحانه:
أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغيًا
من بعضهم على بعض. ثم جعل محمدًا صلى الله عليه وسلم على شريعة من الأمر شرعها له،
وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الجهال، وقد دخل في الذين لا يعلمون كلُّ من
خالـف شريعته، و«(أهواءهم» هي مـا يهوونه وما عليـه المشركـون من هديهم الظاهر،
الذي هو من موجبـات دينهم الباطل وتوابع ذلك، وموافقتهم فيه: اتباع لما يهوونه.
ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين لهم في بعض أمورهم، ويُسرُّون به، ويَودُّون
أن لو بذلوا مالاً عظيمًا ليحصل ذلك.
ولو فرض أن ليس
الفعل من اتباع أهوائهم، فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أبعد عن متابعتهم في أهوائهم،
وأعون على حصول مرضاة الله، وأنَّ موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في
غيره. فإنَّه من حام حول الحمى أوشكَ أن يواقعه. وأي الأمرين كان حصل المقصود في
الجملة، وإن كان الأول أظهر.
ومن هذا الباب
قوله سبحانه: ﴿وَٱلَّذِينَ
ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَۖ وَمِنَ
ٱلۡأَحۡزَابِ مَن يُنكِرُ بَعۡضَهُۥۚ قُلۡ إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ
ٱللَّهَ وَلَآ أُشۡرِكَ بِهِۦٓۚ إِلَيۡهِ أَدۡعُواْ وَإِلَيۡهِ مََٔابِ ٣٦ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ حُكۡمًا عَرَبِيّٗاۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ مَا جَآءَكَ مِنَ
ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا وَاقٖ ٣٧﴾ [الرعد: 36 - 37].
فالضمير في «(أهوائهم» يعود - والله أعلم - إلى مَن تقدم ذكرهم، وهم الأحزاب الذين ينكرون بعض ما أنزل إلى محمد،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد