لبعض شأنه أن يوصي
ويستخلف من يقوم مقامه، فموسى قال لأخيه هارون ﴿ٱخۡلُفۡنِي فِي قَوۡمِي﴾:، أي: كن خليفةً بعدي في سياسة بني إسرائيل، قال الله
تعالى: ﴿ٱخۡلُفۡنِي
فِي قَوۡمِي وَأَصۡلِحۡ وَلَا تَتَّبِعۡ سَبِيلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ فإنَّ موسى هنا يضع
المنهج لمن سيخلفه، ثم قال له: ﴿وَأَصۡلِحۡ﴾ أي: أصلح فيهم، والإصلاح إنما يكون وفق كتاب الله وسنة
رسوله، وقال: ﴿وَلَا
تَتَّبِعۡ سَبِيلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ فإنَّ طريق المفسدين عكس الإصلاح، فعليك أن تتمسك بهدي
الوحي، ولا ترجع في حكمك إلى أهواء الناس ورغباتهم، فإنَّ كثيرًا من الناس يرغبون
عن التمسك بالشرع، لأنَّه ربما يخالف أهواءهم ورغباتهم ﴿وَلَا تَتَّبِعۡ سَبِيلَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ َ﴾ أي: لا يكن عندك
مستشارين من المفسدين، بل اتخذ بطانة صالحة: أهل رأي وتدبير، وحسن سياسة، وتجنَّب
البطانة السيئة، لأنهم من المفسدين.
وأما قوله: «﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ﴾» أي: من سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، فصار في شق، والشرع في شق، وذلك عن عمد منه بعدما ظهر له الحق وتبيَّن واتضح له الأمر. ﴿نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ﴾ أي: إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك بأن نحسّنها في صدره ونزيّنها استدراجًا له، وبالتالي فالنار سيصلاها؛ لأنَّ من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلاّ النار يوم القيامة، وأما الذي خالف من غير قصد المخالفة كمن أخطأ أو جهل، فإنه يُعذر، فالجاهل يُعَلَّم، والناسي يُذَكَّر.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد