ثم أعاد سبحانه
لنبيه صلى الله عليه وسلم الكَرَّة فقال: ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ
أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ
إِلَيۡكََۖ﴾ [المائدة: 49] هذه
وصايا من الله سبحانه وتعالى لنبيه أن يحكم بين الناس بالقرآن والسُّنَّة، وأن لا
يتَّبع أهواءهم؛ لأنَّ ما خالف الكتاب والسُّنَّة فإنما هو أهواء ورغبات، فعلى
الحاكم أن لا يساير الناس في أهوائهم ورغباتهم، وإنما يقدم أمر الشرع فيحكم به. ثم
قال سبحانه: ﴿وَٱحۡذَرۡهُمۡ
أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ﴾ وهذا تحذير لقادم
الأيام، فإنَّ فتنتهم شديدة، فاثبت على الحق الذي معك، ودع باطلهم.
والله جل وعلا يقول:
﴿وَإِن كَادُواْ
لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِيَ عَلَيۡنَا
غَيۡرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا ٧٣ وَلَوۡلَآ أَن ثَبَّتۡنَٰكَ لَقَدۡ
كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡٔٗا قَلِيلًا ٧٤ إِذٗا لَّأَذَقۡنَٰكَ ضِعۡفَ ٱلۡحَيَوٰةِ وَضِعۡفَ ٱلۡمَمَاتِ ثُمَّ لَا
تَجِدُ لَكَ عَلَيۡنَا نَصِيرٗا ٧٥﴾ [الإسراء: 73 - 75]
فأهل الكفر والمنافقون مجتهدون في أن يفتنوا المسلمين في دينهم، لا سيّما العلماء
وولاة الأمور، فهم يحاولون استمالتهم إلى رغباتهم، وشهواتهم في الأحكام، والعمل
بالقوانين والأنظمة المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله، هذا دَيْدَنهم، فعلى المسلمين
أن يحذروا، وخصوصًا العلماء.
قوله: «﴿فَإِن تَوَلَّوۡا» يعني:
أعرضوا ولم يقبلوا ﴿فَٱعۡلَمۡ
أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ﴾ [المائدة: 49] وهذا
فيه دليلٌ على أنَّ من ترك الحق، عوقب باتباع الباطل؛ لأنَّ الله يطمس على قلبه
ويُعمي بصيرته، فيتبع الباطل ﴿فَاعْلَمْ
أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ﴾ وهنا الطامّة حيـث
إنَّ
الصفحة 8 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد