واعلم أنَّ في
كتاب الله من النهي عن مشابهة الأمم الكافرة وقصصهم التي فيها عِبرةٌ لنا بترك ما
فعلوه كثير، مثل قوله لـمَّا ذكر ما فعله بأهل الكتاب من المثلات: ﴿فَٱعۡتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾ [الحشر: 2] وقوله: ﴿لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِِۗ﴾ [يوسف: 111] وأمثال
ذلك. ومنه ما يدلُّ على مقصودنا، ومنه ما فيه إشارة وتتميم للمقصود.
****
إصابتهم بسبب ذنوبهم
إنما تكون في قلوبهم، ولـو كانت المصيبة في المال لكان الأمر أسهل؛ لأنَّ الإصابة
في القلب تعني الضلال والزيغ والعياذ بالله، قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ
ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ َ﴾ [الصف: 5] فلا يرجع
إلى الحق بعد ذلك.
يعني: أنَّ الله ذكر في القرآن من القصص الشيء الكثير الذي ينهانا فيه عن مشابهة المشركين الذين عاقبهم الله لما انحرفوا، وقد كانوا قبل ذلك معزّزين ومكرَّمين، ومن الأمثلة على ذلك ما حلَّ ببني النضير، لـمّا خانوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين ذاك سلَّط الله رسولَهُ عليهم فغزاهم بمحلاّتهم، وحاصرهم وحرَّق نخلهم، ثمَّ تصالحوا مع النبي صلى الله عليه وسلم على أن يَجلوا من المدينة، ويأخذوا ما خفَّ معهم ويتركوا الباقي للمسلمين، قال الله في صدر سورة الحشر: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ١ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَيۡثُ لَمۡ يَحۡتَسِبُواْۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ يُخۡرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيۡدِيهِمۡ وَأَيۡدِي ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَٱعۡتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ ٢﴾ [الحشر: 1 - 2] فأخرج
الصفحة 1 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد