×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

بخلاف المؤمن، فإنه يحب المؤمن، وينصره بظهر الغيب، وإن تناءت به الديار، وتباعد الزمـان. ثم وصف الله سبحانه كلَّ واحـدة من الطائفتين بأعمالهم في أنفسهم وفي غيرهم. وكلمات الله جوامع.

****

  يعني: أنَّ المؤمنين بعضهم أولياء بعض في المحبة والنصرة، سواء كانوا متعاصرين، أو كان بعضهم متقدِّمًا والآخر متأخرًا، قال سبحانه وتعالى يصف هذه الميزة التي يتميز بها المؤمنون: ﴿وَ وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ [الحشر: 10] وسواء كانوا متجاورين في المساكن، أم كانت تفصل بينهم الحدود والمسافات الشاسعة، فإنهم يحب بعضهم بعضًا، وينصر بعضهم بعضًا؛ لأنَّ هذا من مستلزمات الإيمان، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ [الحجرات: 10] فالمؤمنون إخوة على اختلاف الزمان والمكان.

قوله: «ثم وصف سبحانه كلَّ واحدةٍ من الطائفتين بأعمالهم في أنفسهم، وفي غيرهم» يعني: وصف الله كلًّا من الطائفتين - طائفة المنافقين وطائفة المؤمنين - بصفاتهم المميـزة فقال: ﴿ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ [التوبة: 67] وقال في المؤمنين: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ ُ [التوبة: 71] فهذا وصف الطائفتين في كتاب الله عز وجل.


الشرح