كما قال الله في وصفهم: ﴿وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ﴾ [المنافقون: 4] وقوله:
﴿وَفِيكُمۡ
سَمَّٰعُونَ لَهُمۡۗ ْ﴾ [التوبة: 47] يعني: فيكم مَن يصدِّقهم، وهنا تَكْمُنُ
الخطورة، أنهم يلقون بشبهاتٍ مزخرفة مزوّرة، وبأسلوب منمق ومخادع؛ ليقنعوا به
الخصم، مع كونهم يدّعون الإسلام، فينخدع بهم المسلمون، فلذلك يُجاهَدون باللسان،
ولا يُتركون وشبهاتهم وأقوالهم الباطلة، لئلا تؤثِّر على ضعاف الإيمان، والجهّال
من المسلمين، فلا بدَّ من ردِّ شبهات المنافقين وكشف كيدهم، والله جل وعلا كشفهم
وفضح مكائدهم ومخازيهم في القرآن الكريم.
فالحاصل: أنَّ الجهاد باللسان والقلم يُعادل الجهاد بالسيف، فكما أنَّ المسلمين بحاجة إلى إعداد القوة والسلاح لقتال الكفار، فهم كذلك بحاجة لإعداد العلماء كي يردّوا على شبهات المبطلين، وتوضيح أمور الدين، فالمسلمون بحاجة إلى الأمرين معًا: القوة والعلم؛ لأجل امتثال قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ﴾، ثم قال سبحانه: ﴿وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ﴾ وهذا يكون مع المعاند، فالمعاند يغلَظ عليه، وأما الجاهل فيُعلَّم ويُدْعَى بالحكمة والموعظة الحسنة ويُجادَل بالتي هي أحسن، أمّا المعاند الذي لا ينفع معه التساهل، فلا بدّ أن يغلظ عليه لأجل أن يذلّ وينكفّ شره، ولهذا قال سبحانه: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ ْ﴾ [العنكبوت: 46] ﴿ٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ وَلۡيَجِدُواْ فِيكُمۡ غِلۡظَةٗۚ﴾ [التوبة: 123] فالغلظة لا بدَّ منها في بعض الأحيان، فكما أننا بحاجة إلى
الصفحة 10 / 420
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد