وأمره بجهاد
الكفار والمنافقين بعد هذه الآية دليلٌ على جهاد هؤلاء المستمتعين الخائضين...
****
ثم قال جل وعلا: ﴿أَتَتۡهُمۡ
رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ﴾ [التوبة: 70] أي: أنَّ الله أقام الحجة عليهم بإرسال
الرسل الذين دلّوهم على الله وعلى طريق التوحيد، ولكنهم لم يمتثلوا، ولم يتبعوا
الرسل فهلكوا، فكذلك أنتم إذا لم تتبعوا رسولكم، فإنَّ سبيلكم سبيل مَن قبلكم،
فعليكم الحذر من هذا، فالله يُرسل الرسل، فمن اتّبعهم نجا وأفلح في الدنيا والآخرة،
ومن خالفهم هلك، فانظروا موقفكم من نبيّـكم، لا يكن كموقف تلك الأمم السابقة، لئلا
يحل بكم ما حلَّ بهم.
قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ﴾ [التوبة: 73] الكفار هم الذين أعلنوا كفرهم صراحة، وناصبوا الأنبياء العداء
والتكذيب، وهؤلاء يجاهَدون بالسلاح، وأما المنافقون فهم أخبث من الكفار؛ لأنهم
أبطنوا الكفر وأظهروا الإسلام، خِداعًا ومكرًا، لأجل ذلك كان جزاؤهم في الآخرة أن جعلهم
الله في الدرك الأسفل من النار، وهؤلاء يجاهَدون باللسان بردِّ شبهاتهم ودحض
مقولاتهم، والله عز وجل أمر بجهاد الفريقين من الكفار والمنافقين، من أجل إزالة
الكفر من الأرض وإرجاع الناس لعبادة الله سبحانه وتعالى فمن عاند وكابر ورفض قبول
الحق، فلا بدَّ أن يُجاهَد؛ لئلا يُضِلَّ غيرَه، ويصدّ عن سبيل الله عز وجل فلو
تُرك الكفار ولم يُجاهدوا لطَغَوْا وبَغَوْا في الأرض، ولنشروا الكفر ومنعوا
إنتشار الإسلام، لذلك شرع الله جهاد الكفار بالسلاح.
وأما المنافقون فإنَّ جهادهم يكون بالحجّة والبيان وإقامة الدليل؛ لأنَّ المنافقين يدلون بشُبهات، وحجج واهية، وقد أُعطوا مزيد فصاحة،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد