ثم حضَّهم على
الاعتبار بمن قبلهم، فقال: ﴿أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ﴾ [التوبة: 70] وقد قدّمنا أنَّ طاعة الله ورسوله في وصف المؤمنين بإزاء ما
وُصف به هؤلاء من مشابهة القرون المتقدِّمة، وذم من يفعل ذلك.
****
مِن قبلنا مَن
استمتعوا بخلاقهم - أي: بنصيبهم من الدنيا - وخاضوا في عقيدتهم واتبعوا أهواءهم،
فإنَّه سيكون في هذه الأمة ما كان فيمن قبلها، وهذا إخبار معناه التحذير؛ لأنَّ
الله قال: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ﴾ فهذا تحذير من هذا المسلك الخطير.
قوله: «ثم حضَّهم على
الاعتبار...» يعني: بعد أن ذكر الله وجه الشبه بين أولئك القوم ومن سار على دربهم -
وإنما ذكر ذلك للتحذير - قال الله عز وجل واعظًا لهؤلاء المنافقين: ألم تُخبَروا
خبر من كان قبلكم من الأمم المكذبة، وفي هذا تنبيه لنا أن لا نغفل عن دراسة
التاريخ، ودراسة الحوادث، وبيان أسبابها، حتى نتجنَّب الضار، ونأخذ بالنافع.
وقوله: ﴿أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ﴾ استفهام استنكاري يعني: قد أتاهم خبر هذه الأمم، فليس المقصود النفي وإنما هو تقريرٌ واستنكار، فإنَّ قوم نوح أصابهم من الغرق العام لجميع أهل الأرض ما أصابهم، إلاّ من آمن بعبده ورسوله نوح، وأما عاد فأهلكوا بالريح العقيم لما كذّبوا هودًا عليه السلام، وثمود أخذتهم الصيحة لما كذّبوا صالحًا عليه السلام وعقروا الناقة، وأصحاب مدين وهم قوم شعيب عليه السلام، حيث أصابتهم الرجفة وعذاب يوم الظُّلة، والمؤتفكات وهم قوم لوط نالوا نصيبهم من العذاب، والغرض أنَّ الله تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم أنبياء الله.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد