وقد توعَّد
الله سبحانه هؤلاء المستمتعين الخائضين بقوله: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي
ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ َ﴾ [التوبة: 69] وهذا هو
المقصود هنا من الآية. وهو: أنَّ الله قد أخبر أنَّ في هذه الأمة من استمتع
بخلاقـه، كما استمتعت الأمم قبلهم، وخاض كالذي خاضوا، وذمَّهم على ذلك وتوعدهم
عليه.
****
المقصود هنا: أنَّ الله يُبيّن مآل
الأمر والنتيجة التي أوصلت المتأخرين إلى ما وصل إليه من قبلهم، وهي تشبُّههم
وتخلُّقهم بخلاقهم، أي: بدينهم، وخوضهم كما خاضوا، أي: في عقائدهم، والنتيجة هي
أنها حبطت أعمالهم، يعني: فليس لهم رصيد من الأعمال في الآخرة؛ لأنهم أبطلوها بهذا
الخوض وهذا الاستمتاع، فعلى المسلم أن يحذر من هاتين الخصلتين: الخوض في العقيدة
بغير علم، بل باتباع الشبهات، والخوض في الشهوات وفعل المحرَّمات والمعاصي، فإنَّ
هذا الفعل محبطٌ للعمل ولا يكون لصاحبه في الآخرة نصيب، قال الله عز وجل: ﴿مَن
كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ
أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ﴾ [هود: 15]، ثم إنَّ
قوله تعالى: ﴿نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا﴾ هذا مقيَّد بالمشيئة ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ
عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ﴾ [الإسراء: 18]
فيمكن أن لا يُعطى شيئًا لا في الدنيا ولا في الآخرة، فيخسر الدنيا والآخرة، فهذا
مقيد بقوله: ﴿مَا نَشَآءُ﴾.
قوله: «أنَّ الله قد أخبر أنَّ في هذه الأمة مَن استمتع بخلاقه...» هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَان قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ» ([1])، فلما كان في الأمم
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3456)، ومسلم رقم (2669).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد