كما
أنَّ جميع الموجودين في وقت النبي صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة
مخاطبون بهذا الكلام؛ لأنه كلام الله، وإنما الرسول مبلِّغ له، وهذا مذهب عامة
المسلمين، وإن كان بعض من تكلم في أصول الفقه: اعتقد أنَّ الضمير إنما يتناول
الموجودين حين تبليغ الرسول، وأنَّ سائر الموجودين دخلوا، إما بما علمناه
بالاضطرار من استواء الحكم، كما لو خاطب النبي صلى الله عليه وسلم واحدًا من
الأمة، وإمّا بالسُّنَّة، وإمّا بالإجماع، وإمّا بالقياس، فيكون كل من حصل منه هذا
الاستمتاع والخوض مخاطبًا بقوله: ﴿فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم ْ﴾ و﴿وَخُضۡتُمۡ ْ﴾ وهذا أحسن القولين.
****
وإنما يحدِّثنا بذلك
لكي نأخذ الدروس والعبر ونكون على حذر وبصيرة، لئلا نقع فيما وقعوا فيه، وكذلك كل
أخبار القرآن ليست سردًا تاريخيًّا فقط، وإنما هي نهي عن الوقوع فيما وقع فيه من
قبلنا.
المقصود: أنَّ خطاب الله
وخطاب رسوله يشمل الذين كانوا معاصرين لنزول القرآن الكريم، ويشمل كل من جاء بعدهم
إلى يوم القيامة، فكل من فعل مثل فعلهم متوعّد بالخسارة والعذاب، وأنَّ الفعل
الماضي المذموم يستمر في كل من اتَّصف به إلى يوم القيامة، وليس هو في قومٍ مضوا
وانقضوا وانتهت أيامهم، بل هو يشمل جميع الأمة إلى يوم القيامة إمّا بالنص من
الكتاب والسُّنّـة وإمّا بالإجماع وإمّا بالقياس.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد