×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

ثم قوله: ﴿فَٱسۡتَمۡتَعۡتُممْ و﴿وَخُضۡتُمۡ ْ خبرٌ عن وقوع ذلك في الماضي، وهو ذمٌّ لمن يفعله إلى يوم القيامة، كسائر ما أَخبر الله به عن الكفار والمنافقين عند مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه ذمٌّ لمن حاله كحالهم إلى يوم القيامة. وقد يكون خبرًا عن أمر دائم مستمرّ؛ لأنه وإن كان بضمير الخطاب فهو كالضمائر في نحو قوله: «اعبدوا» و«اغسلوا» و«اركعوا» و«اسجدوا» و«آمنوا».

****

وقوله: «وقد دلَّت الآية» وهي قوله تعالى: ﴿فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَٰقِكُمۡ الآية «على أنَّ الذين من قبل قد استمتعوا وخاضوا، وهؤلاء فعلوا مثل أولئك». وهذا هو وجـه الشبـه أنهم فعلوا مثل ما فعل الأوّلون، فأصحاب الجحيم خاضوا في عقيدتهم، واستمتعوا بشهواتهم الدنيوية، فكان في هذه الأمة من يعمل ذلك ويتشبَّه بهم، قال سبحانه: ﴿وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓا فالكاف: للتشبيه، فيكون من خاض في العقيدة فيه شبهٌ من هؤلاء، ومن خاض في الاستمتاع بالشهوات فيه شبهٌ من هؤلاء.

يعني: أن «استمتعوا»، و«خاضوا» خبر عن أفعال ماضية، لكنها ليست للماضي المنقطع، وإنما هي ضمائر مستمرّة إلى أن تقوم الساعة، فلا يقال: إنَّ هذه أفعال الأوّلين فُعلت وانتهت، بل كلّ من فعل مثل فعلهم فهو مثلهم، خاض كالذين خاضوا، واستمتع كالذين استمتعوا، فليست الآية في قومٍ مضوا وانقضوا، وإنما هي في كلِّ من سار على هذا المنهج الذميم إلى أن تقوم الساعة، وإلاّ فلن يكون لما يحدثنا به القرآن فائدة لو كان يحدثنا عن شيء مضى وانقضى،


الشرح