فالعقائد توقيفية، لا مدخل فيها للآراء
والاجتهادات، ولذلك المبتدعة لم يقفوا عند المنقول في العقيدة، بل قدَّموا العقل
على النقل، فنفوا أسماء الله وصفاته، وهؤلاء هم المعطّلة، والمشبّهة قاسوا صفات
الله على صفات المخلوقين، جهلاً منهم؛ لأنهم لم يتخيّلوا صفـات الخالق إلاّ كصفـات
المخلوق، فشبّهوا الله بخلقه، والعياذ بالله، فضلَّ كل من الطائفتـين المعطِّلة
والمشبِّهة، ونجّى الله أهل السُّنَّة الذين أثبتوا دون تشبيه، ونزّهوا دون تعطيل.
وعبّاد القبور إنما
وقعوا فيما وقعوا فيه من تعظيم الموتى وسؤالهم والاستعانة بهم لأنهم خاضوا في
الشبهات، شبهة استجابة الموتى من الأولياء والصالحين لهم، وإمكانية جلب الضر
والنفع لهم، فرفضوا الدليل من الكتاب والسُّنَّة في نفي ملكية النفع والضر عنهم،
وخاضوا فيما خاض به من قبلهم، وحكّموا أذواقهم وما تهواه أنفسهم، واعتمدوا على
القصص والحكايات، والأحاديث المكذوبة، فهؤلاء عقيدتهم مبنية على الهوى والشبهات،
وأهل الحق عقيدتهم مبنية على الدليل والبرهان والتسليم والانقياد.
وقوله: «وكثيرًا ما يجتمعان...» أي: قد يجتمع الخوض في الشبهات والخوض في الشهوات في الشخص الواحد، فكثيرًا ممّن يقعون في الشبهات المضلّة والأفكار المنحرفة، كثيرًا ما تجدهم قد وقعوا في الشهوات المحرمة، والعكس صحيح، فالخصلتان متلازمتان، نسأل الله السلامة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد