قوله سبحانه: ﴿فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَٰقِكُمۡ﴾ إشارة إلى اتّباع الشهوات، وهو داء العصاة، وقوله: ﴿وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓاْۚ﴾ إشارة إلى اتباع الشبهات، وهو داء المبتدعة وأهل
الأهواء والخصومات وكثيرًا ما يجتمعان، فقلَّ من تجد في اعتقاده فسادًا إلاّ وهو
ظاهرٌ في عمله. وقد دلَّت الآية على أنَّ الذين من قبل استمتعوا وخاضوا، وهؤلاء
فعلوا مثل أولئك.
****
قوله: «ومنه
الحديث المرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله يحب البصير الناقد عند
ورود الشبهات...»») الله يحب البصيرة الناقدة عند حلول الشبهات، فيستطيع المرء
أن يفرّق بين الحق والباطل، فيأخذ الحقّ ويترك الباطل، وكذلك عند حلول الشهوات،
فالعاقل لا يقدُم على شيء منها حتى يعلم المآلات والعواقب، ولا ينظر فقط في ساعته
فحسب، فإذا كانت هذه الشهوات يعقبها حسرة وندامة تركها وإن كان فيها لذةٌ عاجلة؛
لأنه يتركها خوفًا من العقوبة الآجلة، وهذا البصيرة الناقدة.
قال الشاعر:
وأحزم الناس من لو
مات من ظمإٍ *** لا يقرب الوِرد حتى يعرف الصَدَرا
قوله: «﴿فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم
بِخَلَٰقِكُمۡ﴾» يعني:
تلذّذتم بنصيبكم من الدنيا، ونسيتم العمل للآخرة، بل استغرقتم في الدنيا
وملذَّاتها، وهذا طريق العُصاة الذين حالهم كالبهائم، الأكل والشرب فحسب.
وقوله: ﴿وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓ ﴾ « إشارة إلى اتباع الشبهات، وهو داء المبتدعة...». أي: أنَّ المبتدعة وأهل الأهواء خاضوا بالشبهات وأفسدوا عقيدتهم، والأصل في أمر العقيدة مبني على التسليم والانقياد،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد