ومنـه قوله في
سورة العصـر: ﴿وَتَوَاصَوۡاْ
بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾. وقوله:﴿أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي وَٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾ ومنه
الحديث المرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله يحب البصير الناقد عند ورود
الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات».
****
قال الله تعالى في
سورة العصر: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي
خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ
بِٱلصَّبۡرِ ٣﴾ [العصر: 1 - 3]. فوصف الله سبحانه الإنسان بجميع
أجناسه: عربًا وعجمًا، وأحرارًا وعبيدًا، وذكورًا وإناثًا، وملوكًا وصعاليك،
وأغنياء وفقراء بأنهم في خسر، إلاّ من اتَّصف بأربع صفات: الإيمان، والعمل الصالح،
والتواصي بالحق -وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- والتواصي بالصبر على ما
ينالهم من الأذى والمشقَّة إذا أمروا ونهوا، فمن اتَّصف بهذه الصفات الأربع، فإنه
ينجو من هذه الخسارة المحقّقة.
والشاهد في هذه
السورة: أنهم التزموا أوامر الله، وثبتوا على الحق، وأمروا غيرهم بالثبات عليه،
ونَهوا غيرهم عن العدول عن الحق، ولما كان الذي يسلك طريق الإيمان لا بد أن يتعرض
للمحنة والفتنة، فيحتاج حينها للصبر، قال الله عز وجل على لسان لقمان وهو يعظ
ابنه: ﴿ٰبُنَيَّ
أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ
عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ﴾ [لقمان: 17] فالذي يأمر وينهى ويدعو إلى الله، لا بدّ أن يُقابَل بالأذى،
فيستعين على تحمل ذلك بالصبر.
وقوله: «﴿وَٱذۡكُرۡ
عِبَٰدَنَآ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي وَٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾». ﴿أُوْلِي ٱلۡأَيۡدِي﴾ يعني: القوة في
الحق، والأبصار: أي: البصيرة النافذة، وهذا هو صلاح العقيدة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد