وعن ابن عباس
رضي الله عنهما في هذه الآية أنه قال: ما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء بنو إسرائيل
شُبِّهنا بهم.
****
بِخَلَٰقِهِمۡ
وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓ﴾ فهذا إخبارٌ من
الله أنَّ مِن هذه الأمة مَنْ يتشبّه بالأمم السابقة وقد جاء في السّنَّة ما يوافق
كتاب الله، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ هذه الأمة تأخذ مأخذ الأمم
السابقة لها، ذراعًا بذراع، وشبرًا بشبر، فسأل الصحابةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم:
من هم الذين تحصل المشابهة بهم؟ هل هم فارس والروم؟ قال: «فمن؟» يعني: من
القوم إلاّ هؤلاء
فالحاصل: أنَّ في هذه الأمة
من يتشبّه بالكفار، خصوصًا اليهود والنصارى، وعمومًا كالروم والفرس وسائر المِلل
والنحل، وهذا فيه التحذير من الوقوع فيما وقعت فيه الأمم السابقة، وليس المقصود
الإخبار فحسب، والمراد: ذم التشبّه بهم في عباداتهم وأخلاقهم الذميمة،
وفينا الآن من يفعل ذلك ويحثّ عليه ويعتبره تقدمًا ورقيًّا وحضارة، وتركه رجعيّة
وتأخر ونقص.
مما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم من ذمّ التشبّه بالكفار والتحذير منه، أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما لما قرأ هذه الآية: ﴿فَٱسۡتَمۡتَعُواْ بِخَلَٰقِهِمۡ فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَٰقِكُمۡ﴾ قال: ما أشبه الليلة بالبارحة، فنحن شَبَّهَنَا اللهُ ببني إسرائيل، أدْرَك إلى أيِّ حدٍّ سيكون في هذه الأمة من يشابه أعداءها في سلوكهم ونهجهم، لا سيّما في الخصال التي ذكرت في الآية آنفة الذكر. وابن عباس رضي الله عنهما هو ترجمان القرآن والحجة في التفسير؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له بقوله: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» ([1]) يعني: التفسير.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (3032)، والبزار رقم (5075).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد